القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية " الشرف " الفصل الاول


فصل تمهيدىالمكان نجع الحساينة
الزمان منذ اربعون عاما
راوية الابنة الصغرى ل وهدان يكبرها بثلاث سنوات اخيها حامد وبست سنوات اختها حسنات والاخ الاكبر هو عوض والذى يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما
الليلة هى ليلة زفاف الابنة الكبرى حسنات لابن عمها دياب لكن لا تدرى الصغيرة راوية لما عادت العروس معهم لبيت ابيها أليس من المفترض أن تنتقل لبيت زوجها وابن عمها دياب؟؟
تتلصص راوية لتعرف سر بكاء شقيقتها ونحيبها منذ غادروا بيت عمها
لما قد تبكى شقيقتها العروس؟؟ اضربها دياب ؟؟ لما لا فهو قاس القلب منذ الصغر
اقتربت الصغيرة من الباب الخشبي المتهالك تسترق السمع فقد امرت هى وشقيقها حامد بالنوم
حسنات ببكاء : والله يا بوى مظلومة ......والله يا خيي ما أنى خاطية
جذبها عوض من شعرها الذى اقتلع معظمه فى طريق العودة وهو يقول بغل : احلفى على المى تچمد ما اصدجك هتجرى على اللى غواكى ولا تموتى لحالك ؟؟
تفترب زحفا من قدمى والدها ترجو حنانه وهى تبكى : بوى انت مصدج أنى إكده!! يا بوى انا تربايتك انت محفضنى كتاب الله طب وكتاب الله اللى انت حافضه يا بوى ما حد مسنى
تشبثت بعباءة والدها ليجذبها من بين يديها بقسوة وهو يصيح: ما تجوليش تربايتى اللى تفرط مالهاش غير الموت يتاوى عارها احمدى ربنا أن واد عمك دياب طلع اصيل وما خرچش چرصنا وسط الخلج
عوض وهو يركلها بقدمه: انطجى يا خاطية مين اللى غواكى
نكست رأسها فقد صدر حكمهم بموتها دون خطية ولا ذنب ،ولن تشفع دموعها فحكمهم نافذ لا محال
صفعها عوض صارخا : انطجى والا اتاويكى لحالك؟
حسنات ببكاء: حسبى الله ونعم الوكيل فيكم ...ربنا عالم ومطلع
جذبها من شعرها لتقف امامه وهو يقول: يعنى مش هتنطجى عاوزة تموتى لحالك وتدارى على عشيجك ؟
دفعها امامه لتسقط ارضا مرة اخرى وهو يقول: انتى اللى اخترتى
وهدان : وجف يا عوض
كان عوض قد اخرج سكينا وهم بقتل شقيقته لمحة من الامل لاحت لقلبها وأدها قول والدها : مش اهنه يا ولدى خدها بعيد فى بطن الچبل
حسنات بفزع: واه يا بوى ماهتغسلونيش كيه المسلمين حتى ولا تصلوا على...حرام عليك يا بوى انت حافض كتاب الله
الاب بقسوة : وانتى اللى اخترتى طريجك وكتبتى نهايتك لما فرطتى فى عرضك
حسنات: مظلومة والله العظيم مظلومة
امسك عوض شاله وربط فمها ثم احضر حبلا غليظا يستخدم لربط البهائم فقيد يديها وهو يسحبها خلفه وهى تأن وتشكو لربها قتلها ظلما وجورا
"وإذا الموؤدة سألت بأى ذنب قتلت "
خرجت حسنات مع شقيقها عوض ولم تعد للدار مرة اخرى ولم يكلف شخصا واحدا بالقرية نفسه عناء السؤال او البحث عنها وكأنها لم تكن حية ترزق بينهم
ومنذ ذلك اليوم زادت قسوة عوض على الصغيرة راوية بسبب وبدون سبب وحين تعترض الام يقول لها ببجاحة منقطعة النظير: بدك حسنات تانية ولا ايه يا اماى ؟؟
فتصمت الام التى باتت تعير بإبنتها ليل نهار ولم يمض عام حتى لحقت بها حزنا وكمدا لتترك ابنتها الصغرى راوية بين قسوة ابيها وأخيها لتتحول يوما بعد يوم من كائن بشرى اللى كائن ميت القلب متحجر المشاعر
لاتعرف شيئا عى الرحمة ولا تعرف معنى الحب ولا تفهم معنى العطف او الحنان
مرت الايام وكان لدياب اخ اصغر ضعيف البنية فأرتأى والده إلحاقه بالازهر الشريف للدراسة فهو ضعيف لا يصلح للزراعة والحرث ورغم بعد مكان للمعهد الدينى عن النجع الا أن حسان اجتهد بالدراسة ودرس الدعوة الاسلامية وتخرج ليعين امام المسجد بأحد النجوع القريبة
كانت الصغيرة راوية فى ذلك الحين قد تمت ربيعها السادس عشر وقد قرر عوض تزويجها لاول من يطلبها منه
وقد كان حسان هو اول من طلبها بحكم انها ابنة عمه وهو اولى بها واحق من غيره وكانت جلسة الاتفاق هى صفعة شديدة القوة وجهها عوض لاخته لتزيد قسوتها وتنهى ما بقى من انسانيتها
جلس حسان وشقيقه دياب مع عمه وهدان وعوض وكذلك حامد
حسان: انا اولى ببت عمى من الغريب وانا ياعمى طالبها بشرع الله
وهدان بقسوه: خدها يا ولدى خدامة بدارك
حسان: استغفر الله يا عمى بت عمى مجامها من مجامجك
عوض: البنته مالهمش مجام عندينا خدها زى ما تخدها ماتفرجش معانا
حسان بصبر: خلص يا عوض اكتب عليها واخدها لدارى ميتا ؟؟
عوض: اكتب بكرة لو عاوز بس لازمن نعملوا دخله بلدى
حسان بفزع: واه هتجول ايه يا عوض دى خيتك؟؟
دياب: اسكت انت يا حسان انت بعدك صغير وماعوزينش فضيحة تانية كيه حسنات بزيادانا يا ولد ابوى
حسان بحزن: لا حول ولا قوة إلا بالله يا ناس يا خلج افهموا هى كما قالت وعليها الوزر ..ربنا بيسامح يا ناس ايش دراكم دخلتوا فى علم الغيب
عوض بحزن: بزيداك يا حسان اللى عندينا جلناه راضى تاخدها على دخلة بلدى خدها ماراضيش ياخدها اللى يرضى
صمت حسان لدقيقة ثم قال: راضى ياواد عمى وحكمك نافذ وجت ماتريد خبرنى باخدها كيه ما انت عاوز
وهدان: خلص بكرة تعجد عليها والسبوع الچاى تاخدها دارك
حسان: حاضر يا عمى كيه ما بدك
وهكذا تم زواج راوية من حسان بأبشع طريقة وأكثرها إهانة لانوثتها حاول حسان أن يمحو عن زوجته اثار تربية عمه واولاده لكن بلا فائدة فقد نقشت عاداتهم الغير انسانية عليها كنقش الحجر
ومرت السنون انجبت راوية ولدها البكرى رفاعى ثم انجبت وهدان ثم انجبت خميس وقد كانت سعادتها غامرة وهى تنجب صبيا يلو الاخر واخيرا انجبت فتاة سعد بها حسان كثيرا وكان يردد دائما لزوجته: البنية دى طريجنا للچنة
لكن هيهات هيهات فراوية ترى ابنتها عار قد احل عليهم لم تحسن معاملتها قط وكذلك اخوتها فقد حرصت راوية على تنشئة ابنائها على ما نشأت عليه ليكونوا قساة القلوب حتى ابنها
الاوسط وهدان والذى لا يرى قلبه ماتراه قلوبهم لكنه يخشى نعته بالضعيف او تنزع عنه صفة الرجولة المرتبطة بعقل امه بالقسوة فيحذو حذوهم رغم رفض قلبه
فما كان من حسان الا أن تقدم بطلب لنقل وظيفته من الصعيد ليأتى هو وراوية وابنائهم الاربع ليقيموا بأحد المناطق الشعبية بالقاهره على امل من حسان أن يقى ابنته الغالية ويلات ما يحدث للفتيات في نجع الحساينة وغيره من قرى ونجوع الصعيد تخلى عن عمله كأمام للمسجد واكتفى بكونه مؤذنا فقط ليهرب بغاليته من العادات التى لاتمت للدين بصلة
ولم تعد راوية الى النجع الا حين كانت صغيرتها غالية بسن العاشرة وقد أتت لترى والدها المحتضر وقد مات بالفعل ومكثت راوية بالنجع لتلقى العزاء وحين قدم حسان من القاهرة كانت فاجعته الكبرى
جلسوا جميعا ليلا بالدار بعد أن انصرف الجميع
حسان : راوية وينها الغالية ما نضرتها من لما وصلت
راوية بلا حماس : اهى فوج هتروح وين يعنى ؟؟
حسان: طيبة
راوية: طيبة ولا مو طيبة البنته جدرهم شديد
بدأ حسان يشعر بالريبة فقال: أنى طالع اطمن عليها
اوقفه صوت عوض الحازم : لا ماتطلعش بتك مو لحالها
حسان: واه مو لحالها كيه مين فوج ؟؟
عوض بقسوة : كل البنتة فوج الداية ختنتهم عشية
انتفض حسان فزعا: واه انت هتجول ايه يا عوض؟؟ مين اذنكم تعملوا فى بتى اكده ؟؟ انتو اتچنيتوا ؟؟
حامد: چرى لك ايه يا حسان اتخبطت فى عجلك ولا ايه !! بناتنا ودى عوايدنا وامها كانت حاضرة
امسك عوض بذراع راوية ودفعها للامام بغضب وهو يصيح: ومين جالك أن دى امها دى لم الولد بس البنية اتولدت من غير ام
ثم نظر لراوية وكانت المرة الاولى التى يرفع يده عليها فصفعها بقوة وهو يقول: أنى اتساهلت معاكى كتير لكن جسما عظما تمدى يدك على الغالية تانى اجطعهالك وما تتسمى لى حرمة بعدها فاهمة !!!
راوية بجمود: امرك فاهمة
ثم نظر لشقيقيها وقال: انا هاخد بتى واعاود دارى وخيتكم اهى عندكم رچعوها وجت ما تريدوا
وإنتفض يطوى للدرجات حتى وصل لابنتة غالية التى ما أن رأته حتى بكت قائلة: هملتنى ليهم ليه يا بوى
حملها حسان لتصرخ الصغيرة ألما وهو يقول: على عينى يا جلب بوكى ماكنتش خابر أن امك واعرة اكدة
غالية برجاء: ما تهملنى اهنه يا بوى انى خايفة
حسان: ماتخافيش يا الغالية بنعاودوا لدارنا الليلة ما بنبات فيها
وكانت هذة اخر ذكريات غالية من الصعيد
ذكرى مؤلمه تركت اثرها على جسدها للابد
وظل الاب حسان على مر السنوات هو درع ابنته من بطش امها واشقائها الثلاث وظل يقاوم حتى تخرجت من الجامعة رغم رفض اخوتها لاستكمالها التعليم
اثرت الحياة بالقاهرة على الجميع فقد رقت قلوبهم بعض الشئ لكن امهم لا تسمح بلين القلوب لذا فالقسوة هى الطريقة الوحيدة التى تعترف بها راوية كإثبات للرجولة فكانت هى منهج
علاقة الابناء بشقيقتهم لم تهتم راوية بتعليم ابناءها كثيرا فالرجل لا يعيبه نقص التعليم انما حرصت فقط على تنشئتهم على عادات وتقاليد بلدها وكل من يصل منهم لسن الشباب اسست له مشروعا خاصا يتكسب منه
حتى قال القدر كلمته الاخيرة وانهى حسان رحلته بالحياة مخلفا وراءه غالية تتجرع ويلات العذاب على يد والدتها راوية التى يبدوا انها تنتقم منها لكل السنوات الماضيه التى حماها فيها والدها
تركها بلا حماية تحت بطش اخوتها وتعذيب امها التى تناديها بأبشع لفظ : يا عارى
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات